#المؤامرة الدولية.. المشاركون والأهداف

استهدفت القوى الدولية والإقليمية قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان بمؤامرة دولية في 9 تشرين الأول عام 1998، فمن شارك في هذه المؤامرة، ولماذا استهدف أوجلان بالذات وما هي أهداف القوى المتآمرة؟

تعرض قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان في 9 تشرين الأول عام 1998 لمؤامرة دولية شاركت فيها قوى الهيمنة في الحداثة الرأسمالية وأذيالها من الدول القومية في المنطقة التي تطبق سياسات القوى العظمى في المنطقة. هذه المؤامرة بدأت في هذا اليوم بإخراج القائد عبد الله أوجلان من سوريا حتى تم اعتقاله في 15 شباط عام 1999. والآن بعد مرور 20 عاماً على المؤامرة، فإنها لا تزال مستمرة ولكن بشكل آخر.

في هذا التقرير سنتناول المؤامرة الدولية التي استهدفت أوجلان وسنتطرق خلالها إلى الظروف التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وسبب استهداف أوجلان بالذات، والقوى التي شاركت في هذه المؤامرة وأهدافها.

دخول أوجلان إلى روج آفا

أسس قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان الذي ولد بقرية أومرلي التابعة لروها (أورفا) في 4 نيسان، حزب العمال الكردستاني بتاريخ 27 تشرين الثاني 1978 خلال اجتماع شارك فيه 23 شخصاً وذلك في قرية فيس التابعة لمدينة آمد. ولكن مع توجه تركيا نحو الانقلاب العسكري الذي حصل في 12 أيلول عام 1980، لم يبقَ أمام أعضاء الحزب سوى الخروج من الوطن أو اللجوء إلى الجبال والمقاومة، ولكن مع اعتقال العديد من أعضاء الحزب اتخذ أوجلان القرار بالانفتاح على الشرق الأوسط وانطلق من أورفا في تموز 1979 وعبر إلى روج آفا، وظل حتى يوم المؤامرة الدولية بحقه في 9 تشرين الأول عام 1998 في سوريا بعد أن أمضى فترة من الزمن في معسكرات البقاع اللبناني. وفي يوم 9 تشرين الأول اضطر تحت الضغوط للخروج من سوريا.

المشاركون في المؤامرة

أوجلان أمضى قرابة 19 سنة في سوريا، ولكن بسبب الضغوط التي تعرضت لها سوريا، ما كان أمام أوجلان إلا الخروج منها. إذ لم يكن أمامه سوى طريقين اثنين، الأول هو التوجه إلى جبال كردستان وهذا كان سيفتح الباب أمام تعرض الشعب الكردي للإبادة، لأنه في حال بقائه بسوريا كانت تركيا قد هددت سوريا، ونصبت صواريخ توماهوك على طول حدودها وهددتها بضربها واحتلالها إن لم تخرج أوجلان.

أما الطريق الآخر فكان الخروج من سوريا، فاتخذ أوجلان القرار بالخروج من أجل النضال بشكل ديمقراطي وسياسي والمطالبة بحقوق الشعب الكردي وتعريف العالم أجمع بحقيقة هذا الشعب، ولكن في الحقيقة العديد من القوى العالمية والإقليمية تشاركت معاً في المؤامرة عليه التي بدأت بخروجه من سوريا، إذ كانت أمريكا وانكلترا وإسرائيل تستخدم كافة الأساليب والضغوط على الدول التي زارها أوجلان ولم تستقبله وتمنحه حق اللجوء السياسي.

إذ خرج أوجلان من سوريا متوجهاً إلى اليونان، ومنها إلى روسيا حيث مكث فيها 33 يوماً، ومن هناك توجه إلى العاصمة الإيطالية روما وبقي فيها 66 يوماً، ولكن السلطات الإيطالية أيضاً لم تفعل له شيئاً، فعاد إلى روسيا التي لم تستقبله ونقلته إلى طاجيكستان ومكث هناك لمدة أسبوع ثم عاد إلى موسكو مجدداً وبعد يومين فقط توجه إلى العاصمة اليونانية أثينا مجدداً، ومنها إلى عاصمة روسيا البيضاء مينسك حيث كان من المقرر أن يتوجه إلى هولندا ولكن السلطات الهولندية قالت بأنها لن تستقبله فلم يبقَ أمامه سوى التوجه إلى إفريقيا، إذ تم إخباره بأنه سيتم نقله إلى جنوب إفريقيا حيث نيسلون مانديلا ولكن المؤامرة كانت تقتضي نقله إلى نيروبي عاصمة كينيا واختطافه من هناك وهذا ما حدث.

ويقول أوجلان عن المؤامرة التي استهدفته في 9 تشرين الثاني “إنني أرى أن المؤامرة الدولية التي أسفرت عن جلبي إلى تركيا في 15 شباط 1999، إحدى أهم أحداث التقاليد التآمرية للسلطات المهيمنة. سيرتي التي ابتدأت في التاسع من تشرين الأول 1998 بخروجي من سوريا ووضع قدمي على أرض أثينا، استمرت مع روسيا وإيطاليا، واضطراري للعودة إلى روسيا واليونان مرة أخرى، ثم وَصَلَتْ إلى مرحلتها النهائية باختطافي إلى كينيا. سبب تسميتي لسلسلة الأحداث هذه التي ضمت ائتلاف قوى دولية من أربع قارات بالمؤامرة الدولية، هو أنها سياق منسوج من الألاعيب السياسية والمصالح الاقتصادية إلى جانب الكثير من الخيانة والعنف والخداع”.

الظروف السائدة في تلك المرحلة

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، تحول العالم إلى القطب الواحد، وتزامن ذلك مع حرب الخليج، فأمريكا كانت ترغب في السيطرة على الشرق الأوسط بشكل كامل وكانت تفعل كل شيء وتضع السياسات لتحقيق غايتها هذه، لذلك كانت تستخدم تركيا لتطبيق سياساتها هذه، فأرادت من خلال هذه المؤامرة إيجاد حرب طويلة الأمد بين الكرد والترك كي تستنزف تركيا وتجعلها مجبرة على الرضوخ لها وتطبيق سياساتها في المنطقة.

وفي تركيا كان التنافس على أشده بين فريقين اثنين، فريق يسعى للحوار والسلام مع الكرد من أمثال الرئيس التركي الذي تعرض للقتل في المشفى توركوت أوزال وغيره من الذين يمكن تسميتهم بالوطنيين ومناصري السلام والغيارى على الأناضول وفريق الانقلابيين والمتآمرين الذين كانوا يحظون بدعم شبكة غلاديو الناتو، حيث أن الخلاف بين هذين الفريقين قد طفا على السطح في تركيا في تلك الفترة، والتنافس بين الموالين والمعارضين بشأن الحوار مع الكرد كان قد انتهى لصالح جناح غلاديو الناتو، أي لصالح الفريق المناصر للحرب والإبادة المدعوم من إسرائيل وأمريكا.

الدكتور محمد نور الدين أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، والباحث المختص في الشؤون التركية، تحدث لوكالة أنباء هاوار عن الظروف التي كانت سائدة في تلك الفترة قائلاً “كانت تركيا في أواخر التسعينيات تعيش ظروف ما بعد انقلاب 28 شباط 1997 ضد حكومة نجم الدين اربكان وهذه المرحلة تميزت بتشديد قبضة الوصاية العسكرية على الدولة ومحاربة كل التيارات والحركات التي تقع على النقيض منها ولا سيما حزب العمال الكردستاني وفي الوقت نفسه كانت الظروف الدولية مواتية لتحقيق خرق في هذه القضية باعتبار أن روسيا كانت تمر في وضع مهترئ وضعيف مع بوريس يلتسن وبالتالي كانت الفرصة مواتية للولايات المتحدة الأمريكية لتمرر هذا الاعتقال وإبعاد أوجلان عن سوريا أولاً ومن ثم اعتقاله بشكل أو بآخر بعد ذلك بثلاثة أو أربعة أشهر”.

ويضيف بأن خروج أوجلان من سوريا كان نتيجة لهذه الظروف ونتيجة لعدم رغبة الحكومة السورية الدخول في صدام مسلح مع تركيا في الوقت الذي كان هناك احتلال إسرائيلي لهضبة الجولان وبالتالي كانت القوى الأساسية التي تقع خلف هذه العملية هي قوى غربية بالإضافة إلى أمريكا وإسرائيل وتركيا.

لماذا أوجلان ؟

إن المؤامرة الدولية في الحقيقة استهدفت أوجلان لاعتبارات عدة، أولاً أن كافة الثورات الكردية التي سبقت تأسيس حزب العمال الكردستاني جميعها انتهت بمجرد القضاء على قياداتها، كما أن كافة الثوريين الذين أشعلوا الثورات لم يكونوا يتمتعون بالخصائص القادرة على توحيد الشعب، أما أوجلان فكان مختلفاً عن الجميع.

إذ يتميز أوجلان بأنه القائد الطليعي للطبقات الكادحة ويمثل محاولات الوصول إلى حل التناقضات الاجتماعية وإحقاق الحرية والعدالة الاجتماعية وتمثيل جميع الشرائح والقطاعات المضطهدة لامتلاكه خصائص ومميزات تميزه عن كل القيادات الكلاسيكية الأخرى، ويمتلك نظاماً إيديولوجياً ومقدرة مؤثرة حتى على الصعيد العالمي لذلك فمن الطبيعي أن يكتسب هذا التأثير الإيديولوجي موقعاً مؤثراً على الحركات والشعوب في العالم ويشكل بذلك تهديداً للنظام السائد على العالم، بنظامه الطبقي الذي شكل عبئاً ثقيلاً على الشعوب والمجتمعات البشرية. وهذا ما جعل من أوجلان هدفاً.

وفي هذا السياق يقول الدكتور محمد نور الدين “لا شك أن أوجلان ليس شخصية عادية هو أصبح رقماً صعباً في المعادلة الإقليمية، أصبح حزب العمال الكردستاني في الداخل التركي ومنذ أواخر الثمانينيات ذا قوة مؤثرة على الأرض وتحولت مناطق جنوب شرق الأناضول إلى مناطق محرمة ليلاً على القوات التركية واتسع الدعم الشعبي لحزب العمال الكردستاني كذلك كان هناك دعم خارجي أيضاً لحزب العمال من قوى إقليمية وبالتالي استهداف أوجلان أكثر من ضروري لمحاولة إخماد الحركة الكردية المسلحة والمدنية في الداخل التركي من جهة وإضعاف الجوار الجغرافي الذي يدعم حزب العمال بإطار الصراع الإقليمي بين المعسكر الغربي وأدواته الإقليمية مثل إسرائيل وتركيا والقوى الأخرى المناهضة لهذا المعسكر في المنطقة”.

أما عضو الهيئة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني مصطفى قرسو فيقول عن سبب استهداف أوجلان “لقد كانت حركة التحرر الكردستانية بقيادة القائد أوجلان تمهد لإحداث تغيرات هامة وجذرية في منطقة الشرق الأوسط، وكان للحركة تأثير كبير على الكرد في روجهلات، روج آفا، وباشور كردستان، وليس فقط في باكور كردستان”.

ويشير قرسو إلى أن أوجلان فهم جوهر شعوب المنطقة وتاريخها، على أساس أخوة الشعوب وكان يمهد لبناء نظام جديد في الشرق الأوسط، وهذا النظام يمثل حقيقة شعوب المنطقة، ولكن القوى المتآمرة على أوجلان كانت تعمل على تشكيل نظامها بالاعتماد على قوى حليفة لها في المنطقة من أجل مد نفوذها، لكن تنامي فكر النضال التحرري وتأثير حزب العمال الكردستاني على الشعب الكردي بخاصة والشعوب عامةً أدخل الخوف في نفوس تلك القوى وحلفائها، لأن ما كانوا يخططون له يتعارض مع مشروع أوجلان الديمقراطي الحر لتحرير شعوب الشرق الأوسط ككل من نفوذ الدول الاستعمارية، والديكتاتوريات التي تحكم بالحديد والنار، وكان بقاء حزب العمال الكردستاني بهذه القوة في المنطقة يشكل خطراً على مشروعهم التوسعي الذي يخدم مصالحهم فقط، ويعيق تقدم نفوذهم وسيطرتهم على هذه المنطقة الغنية بالثروات الباطنية والأراضي الخصبة، لذا تم استهداف أوجلان.

أبعاد وأهداف المؤامرة

إن العدد الكبير من القوى التي شاركت في المؤامرة التي استهدفت أوجلان، تأكيد على وجود مخطط كبير في المنطقة، فالهدف الأساسي للولايات المتحدة التي هي القوة الأساسية المحركة لهذه المؤامرة السياسية كان إبعاد أوجلان عن الشرق الأوسط بهدف تطبيق مشروعها للشرق الأوسط الكبير.

وفي هذا السياق يقول أوجلان “ما هدفت إليه أمريكا بمشروعها للشرق الأوسط الكبير هو إظهار القومويات المتصلبة والدويلات القوموية ودفعها إلى الاشتباك فيما بينها لتبقى هي المهيمنة في الشرق الأوسط على مدى قرن آخر. ويبدو جلياً أنه لا مكان لحركات التحرر في مثل هذا المشروع. ولهذا فإن هناك علاقة وثيقة بين مشروع الشرق الأوسط الكبير للولايات المتحدة، وتسليمي إلى تركيا بمؤامرة. علماً بأن المرحلة التي ابتدأت بعام 2003 تُصدِقُني القول. فكوننا نمثل البديل الحقيقي الثالث الذي يدافع عن الوحدة الديمقراطية للشعوب، في مواجهة التوازن الذي تفرضه قوى الهيمنة الدولية على شعوب الشرق الأوسط ، أو خيار القوى الرجعية المحلية، فتح المجال أمام أن نكون هدفاً إيديولوجياً وسياسياً”.

كما أن المؤامرة كانت تهدف إلى إشعال حرب كردية ـ تركية من خلال استهداف أوجلان، فمن شارك في المؤامرة كان يريد تصفية أوجلان حتى تندلع حرب لا هوادة فيها بين الكرد وتركيا وبالتالي الاستفادة من الظروف التي تمر بها تركيا لمصالحها الشخصية.

ويقول عضو الهيئة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني مصطفى قرسو في هذا السياق “إن ما جرى في تلك المؤامرة له علاقة مباشرة مع أطماع الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، فأمريكا كان لها تأثير كبير بعد حرب الخليج الأولى على دول الشرق الأوسط بشكلٍ عام، بسبب الفراغ الذي ظهر في المنطقة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي الذي كان يمثل القطب الثاني في السياسة الدولية, وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي، لم يكن النظام الجديد في المنطقة قد تأسس بعد، وكانت هناك خلافات وصراعات عدة في المنطقة، واستغلت الولايات المتحدة الأمريكية الأوضاع وأرادت أن تسيطر على المنطقة وتدخلت فيها من الجوانب كافة، الناحية العسكرية، السياسية، الاقتصادية والثقافية لترتيب المنطقة وفقاً لمصالحها وفرض سياساتها التي تخدم مصالحها”.

لقد كان من أهداف المؤامرة الرئيسة أيضاً، استخدام تركيا كأداة لهم في الشرق الأوسط متى ما أرادوا ضربوا بها شعوب المنطقة، حيث كانوا يظنون بأنهم بأسر القائد أوجلان سيقضون على الحلم الكردي أولاً، وسينفذون مشاريعهم من دون أي اعتراض يقف في طريقهم، ما سيؤدي بالنتيجة إلى القدرة على تفعيل دور تركيا بشكل سهل وسلس في المنطقة.

وأرادوا بأسر أوجلان إضعاف وقطع علاقة الشعب الكردي مع حزب العمال الكردستاني وكسر ثقتهم بالحركة وإلغاء تأثير أوجلان والعمال الكردستاني على المنطقة، وعلى هذا الأساس حاولوا دعم القوى السياسية الكردية التابعة لها وبث الفتن والصراعات داخل صفوف الحركة الكردية، وفي جميع أجزاء كردستان، ومن ثم منح تركيا دوراً أكبر في المنطقة ليكون شرطيهم والحارس الأمين لحراسة مصالحهم؛ لأن الدور الذي تلعبه حركة التحرر الكردستانية بقيادة أوجلان وحزب العمال الكردستاني، في التصدي للأطماع التركية في المنطقة ككل دور فعّال وكبير وأساسي في إضعاف تركيا ومنعها من القيام بمهامها الموكلة إليها ضمن المؤامرة الكبيرة على شعوب الشرق الأوسط.

أما على صعيد البعد الاقتصادي للمؤامرة، فلا بد من الإشارة إلى أن المشاركين في المؤامرة اشتركوا معاً في مشاريع اقتصادية، فروسيا التي كانت تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة جداً حصلت من خلال مشاركتها في هذه المؤامرة على مشروع “التيار الأزرق” وشاركت إيطاليا أيضاً في هذا المشروع.

ومشروع “التيار الأزرق” هو خط أنابيب الغاز الرئيسي عبر البحر الأسود الذي يحمل الغاز الطبيعي من روسيا إلى تركيا. وأنشئ خط الأنابيب بواسطة شركة خط أنابيب التيار الأزرق، ومقرها هولندا، وهي شركة محاصصة بين غازبروم الروسية وإني الإيطالية.

وبدأ تدفق الغاز من روسيا إلى تركيا في فبراير 2003، إلا أنه، وبسبب الخلاف على السعر بين روسيا وتركيا، مراسم الافتتاح الرسمي في محطة دوروسو لقياس الغاز أقيمت في 17 نوفمبر 2005. وحضر الافتتاح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء التركي حينها رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني.

ليس هذا فقط، بل حصلت روسيا على قرض من صندوق النقد الدولي بلغت قيمته 10 مليار دولار لقاء مشاركتها في هذه المؤامرة.

المؤامرة مستمرة ولكن بشكل آخر

على الرغم من مرور 20 عاماً على بدء المؤامرة الدولية على أوجلان، إلا أنها ما تزال مستمرة ولكن بشكل آخر، فالهجمات التركية على شمال سوريا تأتي في إطار استمرارية المؤامرة وذلك لأن النظام الذي يطبق في إدارة الشمال السوري مستمد من فكر أوجلان ومشروعه للأمة الديمقراطية الذي يحقق الديمقراطية والمساواة والعدل بين شعوب المنطقة في وقت يعيش فيه أقرانهم في المناطق السورية الأخرى وجهاً لوجه مع القتل والعبودية والذل. فنجاح مشروع أوجلان يعري تركيا والقوى التي تآمرت معها ويجعل الجميع يتساءل: إذا كان مشروع أوجلان ديمقراطياً لهذه الدرجة فلماذا تم اعتقاله إذاً؟ وبطبيعة الحال فإن نجاح هذا المشروع في الشمال السوري يجعله نموذجاً للحل في سوريا وهكذا يكون نموذجاً للحل في الشرق الأوسط وهنا تفشل الأهداف التي تجمعت من أجلها كافة القوى في هذه المؤامرة.

ويقول الدكتور محمد نور الدين عن الهجمات التركية على الشمال السوري “في الواقع الحملة العسكرية التركية في الداخل السوري منذ درع الفرات وثم عفرين والآن في إدلب هي جزء من أجندة تركية خالصة لإيجاد مناطق نفوذ في الداخل السوري ولا سيما في المنطقة المحاذية لتركيا ولا شك أن تمكين تركيا القيام بذلك لم يأتِ عبثاً بل كانت هناك قوى دولية ساعدت في هذا الأمر وفي مقدمتها روسيا والتي أعطت الضوء الأخضر لتركيا للقيام بمثل هذه العمليات في إطار تبادل المصالح بين البلدين لكن في الوقت نفسه لا يقتصر التآمر على سوريا من خلال دخول القوات التركية، أيضاً الوجود الأمريكي في سوريا إن كان في التنف أو في شمال شرق الفرات أو مناطق أخرى هو الوجه الآخر للاحتلال التركي لسوريا. ما هو مطلوب هو خروج كل القوات الأجنبية المعادية لسوريا وفي مقدمتها الأمريكية والتركية وترك السوريين ليحلوا مشاكلهم فيما بينهم وهذا الأمر يعني الدولة السورية والمعارضة الأخرى وقوات الحماية الكردية وبالتالي تترك هذه المكونات فيما بينها للتوصل لحل يحفظ وحدة الأراضي السورية ويفضي للعدالة والمساواة والديمقراطية الكاملة”

واشوكاني F.M